في تقرير استقصائي لوكالة نينا الاخبارية يكشف النقاب عن حالات وفاة لمرضى عراقيين نتيجة الاخطاء الطبية.
وورد في التقرير قصص مختلفة وغريبة عن هذه الظاهرة.
ويقول التقرير أنه «لم تلبث الام الشابة المذعورة ان وضعت صغيرها ذو الثمانية اشهر على سرير الفحص في صالة الطواريء في مستشفى الطفل المركزي في الاسكان حتى قال لها الطبيب الخافر بألم مصحوب بغيض واضح :»ابنك فارق الحياة منذ اكثر من ساعة».
كان مصدر الالم هو كون المتوفى طفل بريء اما الغيض فلان سبب وفاته هو تسليم مصيره بيد امراة جاهلة سقته شرابا يثق البعض من سكان الريف وحتى المدينة بقدرته على شفاء الاطفال من مرض يدعى «الكرفه» ويعني ان يشم الطفل رائحة غير مستحبة كرائحة المجاري او ان تدخل به والدته على امراة نفساء فيصاب بالاسهال والقيء المستمر حتى ياخذه اهله الى احدى القابلات المعروفات بعلاج مثل هذه الحالة فتعالجه بتعريضه الى شم رائحة اخرى من مواد تخلطها بنفسها او ان تسقيه منها كما فعلت احداهن مع الطفل المذكور آنفا ليفقد حياته بسبب سلوك جاهل من اهل الطفل والقابلة على السواء.
ولم يكن هذا الطفل هو الوحيد الذي فقد حياته بسبب شراب «السقوة» كما يطلق عليه الاطباء ففي صالة الطوارئ ذاتها كان يرقد طفلان شقيقان تعرضا لنفس المصير وكان ان فقد الطفل (علي) حياته قبل ان يكمل عامه الثاني بينما واصلت شقيقته (مروة) ذات الاشهر الستة صراعها من اجل البقاء بمساعدة فريق من الاطباء الذين يتناوبون يوميا على علاجها لكي لا يصيبها ما أصاب شقيقها الذي تسمم دمه تماما وبدات اعضاءه تتلف بالتدريج حتى طال التلف دماغه فتوفي رغم محاولات الاطباء المستميتة لإنقاذه باستخدام التنفس الاصطناعي والضغط على صدره وكل ما لديهم من اجهزة في صالة الطواريء لسحب المادة السوداء الغريبة التي تدفقت من انفه امام دهشة الامهات من مرافقات الاطفال المرضى والاطباء ومساعديهم انفسهم.
الغريب في الامر ان اغلب الامهات اكدن نجاح القابلات في شفاء اعداد كبيرة من الاطفال الذين يتعرضون لما يسمى ب(الكرفه) مشيرات الى اعتذار اولئك القابلات عن علاج أي طفل لم يشم رائحة غريبة ونصيحة اهله باخذه الى المستشفى اما من يشم تلك الرائحة فلن تنجح المستشفيات في انقاذه مهما فعلت وسيصاب بالجفاف من فرط الاسهال والقيء حتى ينصح احد العارفين اهله باخذه الى القابلة لمنحه علاجا ناجعا من وجهة نظرها ونظر المؤمنين بقدرتها على ذلك.
الطبيب حيدر موسى من مستشفى الطفل المركزي نفى ما ذهبت اليه الامهات مؤكدا ان شفاء بعض الاطفال بعد خروجهم من المستشفى واخذهم الى القابلات يعود سببه الى ان فايروس المرض يكمل دورته في جسد المريض وتساعد الادوية والمضادات في المستشفى على الشفاء منه لكن الامر يكون بطيئا عادة فلا يصبر الاهل ويأخذونه الى القابلات ليشفى خلال ذلك ولا يكون السبب هو ما تسقيه اياه القابلة قطعا بل يؤثر علاجها على جسم المريض ويتلف اعضائه وخاصة الكلى والكبد والرئة حتى ولو بعد حين مسببا عجزا في احد تلك الاعضاء او يتطور الامر الى تسمم في الدم يقود غالبا الى الوفاة اذا لم يمتلك الطفل المقاومة الكافية لذلك.
وتواجه صالات اخرى في المستشفيات حالات خطيرة تروح ضحية لها ارواح بريئة عديدة ايضا، تلك هي صالات الولادة التي تفد اليها نساء تقودهن اخطاء تقع فيها قابلات التوليد الى اوضاع خطيرة قد تودي بحياتهن كتعرضهن الى نزيف حاد او حياة اولادهن احيانا كما حدث مع الام التي ولدت طفلا بلا رأس في مستشفى اليرموك التعليمي بعد ان فشلت القابلة في توليدها وتبين بعد نقلها الى المستشفى ان طفلها قتل في رحمها بعد خلع رأسه بسبب اخطاء وقعت فيها القابلة بينما تم انقاذ الام بواسطة اجراء عملية قيصرية بالغة الصعوبة.
وطالبت ادارة قسم النسائية والتوليد في المستشفى وقتها – حسب الطبيبة النسائية ندى جليل - بفتح تحقيق قضائي مع القابلة لعدم كفاءتها كما منعت السلطات الصحية العراقية بموجب تعليمات وزارية القابلات المأذونات من اجراء اية ولادة صعبة والاكتفاء بالولادات الطبيعية بسبب اخطائهن المتراكمة خلال التوليد او التسبب بتشوهات لدى المواليد كالخلع وغيره.
القابلة ام خليل التي تفخر بتوليد مئات النساء في منطقتها والمناطق الاخرى دون اية اخطاء بل وانقاذ بعض منهن وصلن اليها في حالات مزرية فضلا عن اسهامها في انقاذ النساء خلال سنوات الوضع الامني الخطير ومنع التجوال ومخاطرتها بحياتها في سبيل ذلك ترفض اتهام القابلات بالتسبب في قتل النساء والمواليد وان كان ذلك قد حصل على يد قابلة جاهلة او مبتدئة فلا ينسحب الامر على الباقيات خاصة وان بعضهن تدربن في مستشفيات الولادة وعملن فيها قبل ان يمارسن التوليد في منازلهن، في الوقت الذي تصر فيه الطبيبة النسائية باسمة محمد من مستشفى مدينة الطب على ممارسة الممرضات – القابلات انفسهن اخطاء جسيمة كاستخدام ادوية لتسريع الولادة او ل»تقوية « المرأة اثناء المخاض مثل عقار (اوكسيتوسين) الذي يجهلن عواقب سوء استخدامه اذ ربما يؤدي الى انفجار الرحم ووفاة الام او الجنين فالمفروض هو ان تستخدم هذه الادوية للتحكم بالنزف بعد ولادة الطفل فقط..
وتشير الطبيبة النسائية المتخصصة في اجراء العمليات القيصرية المعقدة الى ضرورة لجوء النساء الحوامل الى المستشفيات لضمان توفر الاجهزة الطبية المتكاملة والعناية الفائقة في حالة حدوث مضاعفات اثناء الولادة الطبيعية خاصة في الاونة الاخيرة حيث تزايد عدد المواليد المشوهين خلقيا والولادات العسيرة فضلا عن ضعف تحمل النساء لعسر الولادة في السنوات الاخيرة بسبب تضاؤل مناعة اجسادهن المرهقة من الصدمات النفسية والخوف وصعوبة الحالة المعيشية لدى اغلبهن ما يؤثر على اطفالهن فيستقبلون الحياة ضعاف البنية او خديجين ويحتاجون بالتالي الى البقاء لفترة في الحاضنات حتى ولو لساعات وهو مالا يتوفر قطعا لدى القابلة..
من جهتها، تعتبر صبيحة خضير - وهي ام لاربعة اولاد انجبتهم جميعا لدى القابلة المأذونة - اللجوء الى المستشفى آخر حل يمكن ان تضطر اليه المرأة الحامل اذا ما احتاج وضعها الصحي الى اجراء عملية قيصرية، اما الولادة الطبيعية فمكانها الصحيح هو بيت القابلة او عيادتها لأن ذلك يحقق لها (الستر) اضافة الى اختصار التكاليف طالما ان المستشفيات تعج بمن يبحثن عن (حلاوة سلامة ) الام والطفل فضلا عن غلاء اسعار العمليات الجراحية وحتى الولادات الطبيعية في المستشفيات الخاصة وذات التمويل الذاتي والاجنحة الخاصة في المستشفيات الحكومية.
وكانت نسبة الولادات القيصرية في العراق– حسب عادل عبد المحسن المفتش العام في وزارة الصحة – قد ارتفعت في السنوات الاخيرة الى 32% لتصل الى مستوى العمليات القيصرية في الولايات المتحدة لكنها تظل مرتفعة بشكل كبير عن المعدل العالمي الذي يصل الى نحو 15 % فقط.
في كل الاحوال، فأن الامهات والاطفال هم الضحايا الدائميين لكل اهمال او جهل لذا ينبغي توعية الامهات صحيا لتجنب كل ما يمكن ان يهدد حياتهن وحياة اولادهن ابتداء من معالجة الاولاد المرضى بالطرق الشعبية المحفوفة بالمخاطر وليس انتهاء بالولادة لدى القابلات غير المجهزات بوسائل الانقاذ السريعة والناجعة في المستشفيات.